الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين.. وعلى آله وصحبه أجمعين..
أخواتي الكريمات
بناتي الخريجات
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
كل يومٍ يمر علينا، يثبت لنا أن العلم يتربع على عرش الوجود البشري، فمن دون علم تتقلص الحياة وتنعزل في تخلفها الذي لا يتناغم مع طبيعة الحياة ووجود البشر فيها مما ينبئ بنهايتها سريعا، لذلك ليس غريبا أن يعنى ديننا الإسلامي وكل الأديان السماوية بالعلم وبتحري الحقائق فيه حتى تعيش البشر بسلام.
ما كان للطب أن يسرع الخطى نحو اكتشاف الأدوية التي تكافح عضال الأمراض إلا بالعلم، وما كان للهندسة أن ترفع الصروح والبنى التحتية التي تخدم الإنسان المعاصر إلا بالعلم، وما كان ليدخل في عالم افتراضي شكّلته التقنيات الحديثة إلابطفرة علمية مدهشة.
والعلم – حين يمتزج بقيم الرقي الأخلاقي– يشكّل إنساناً يحمل في كلماته وسلوكه وحضوره وصمته وتعبيره عن ذاته نبلاً وأخلاقاً تجعله نجماً من حيث لا يدّعي.. ولا يسعى لنجومية..
لولا العلم.. لما عرفنا حق المعرفة ديننا النابض بالدعوة إلى البحث في الكون وأسراره عبر التأمل والتدبر، وبالإنسانية في التعامل مع البشر أيا كانت انتماءاتهم، والذي عندما مورِسَ بجهالة وأميّة مظلمة حوّله (ظنا لا حقيقة) إلى مصدر للعنف والكراهية والبغضاء..
فالعلم يحظى برعاية إلهية عظيمة، لأن الهع سبحانه جعله سبباً لاستقرار الإنسان على الأرض، ومرشداً لعمارتها بالبشرية وبمشاهد المدينة التي تخدم وجود البشر.. لهذا، فلا حدّ لجريانه نهراً عَبْر هذا الكون، ولا حد لنا نحن أيضاً في الاستسقاء منه، فالعلم يكاد يكون وحده الذي إن شربنا منه ظمئنا إليه أكثر..
ولهذا، حين يهتم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بالإنسان العالِم.. إنما يهتم أيضاً باستمراره في الدخول إلى أرض ثرية بالمعرفة.. ويتمثّل هذا الاهتمام في فتح المجال أمام الطلبة لارتقاء درجات العلم عبر الدراسات العليا بالجامعات التي تعمل بمتابعة سموه وبإشرافه المباشر..
فأمامكن السلم ممتد إلى آفاق لا محدودة.. وبيدكن القرار في ارتقاء درجات أعلى في العلم.. لقد تمثل اهتمام صاحب السمو حاكم الشارقة بالعلم وطالبيه في تذليل العقبات التي تؤرّق طالب العلم خاصة عقبة الرسوم والتكاليف الدراسية التي يعاني منها البعض وذويهم.
فطالما أن هناك استعداداً للدراسة والبحث، وطالما أن هناك مستحقين لرفع التكاليف المالية عن كواهلهم، فإنالمنح الدراسية الذاهبة لهؤلاء المستحقين تزيل أية عثرة أمام الطالب الراغب باستكمال حياته في دروب العلم.وعلى الطالب أن يحقق رتبة علمية طيبة ويتحمل مسؤوليته العلمية بجدية أكثر.. إذ لا مكان لمن يستند على غيره ليحقق له حلمه.. ثم يستهين بهذا الحلم ولا يعطيه حقه من الجهد وملء الوقت بالتفكير والتخطيط في تحقيقه على أرض الواقع..
لقد آن الأوان لأن يتقلد أبناء الإمارات مسؤوليتهم الوطنية والعلمية والإنسانية، وتكون لهم مقاعدهم في التدريس الجامعي، ولن يتحقق ذلك إلا بخريجين في الدراسات العليا.. وهذا ما يسعى إليه سموه عبر إيجاد وسائل الدافعية لأبنائه المواطنين من خريجي الجامعات لاستكمال رحلة العلم ليقفوا أمام طلبة جدد جاؤوا يستنيرون بعلمهم لمستقبلهم ومستقبل أمتهم، ساعيا لأن تكون جامعاته رائدة في مجال التعليم العاليفي المنطقة.
إن وجود اهتمام على هذا المستوى من العلو ليبث في النفس شجاعة من نوع آخر.. شجاعة تسخير الأوقات لنسج الأحلام الجميلة – أحلامكن بناتي العزيزات – بمنظار العلم وحده.. فالعلم يحمي الفتاة من عثرات الطريق، ويسهل عليها إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجهها، ويستحث فيها التفكير الإبداعي الذي يحقق لها شخصيتها المستقلة والمتفردة.. وهو أيضا منبع للرقي السلوكي والأخلاقي..
هذا ما أوصيكنبه بناتي العزيزات، وأسأل الله لكن التوفيق في حياتكن، واعلمن أن بإمكان الخريجة أن تكون مشروعا للمستقبل مضيئا لنفسها وأسرتها ومجتمعها وأمتها.. ولعالمها الإنساني كله إن استطاعت.. بل إن أرادت أن توجد لها بصمتها الخاصة في المشاركة التنموية، فالسر في الإرادة لا في الاستطاعة.
نبارك لأمهاتكن وأسركن.. ونبارك لأنفسنا بكن جميعا. وأتقدم بشكري وتقديري لإدارة جامعة الشارقة وللأساتذة الكرام الذين لم يبخلوا بعلمهم على بناتنا وأبنائنا حتى وصلوا إلى مرحلة مهمة في حياتهم تضع أقدامهم على طريق العمل لإثبات الذات ولخدمة المجتمع بما يحويه من مقومات ومنجزات وملامح ثقافية راسخة..
وفقنا الله تعالى لمزيد من النجاح في بناء متماسك ومتوازن للإنسان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.