الشيخة جواهر: نحيّي قيادتنا لوقفتها القوية في وجه من يثيرون الفتن

DSC02157

أكدت حرم صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، ضرورة أن يتحلى كل صاحب قلم؛ إعلامياً كان أو مثقفاً أو مدوناً بالموضوعية، وألا يكون قلمه أداة هدم للكثير من القيم الاجتماعية والإنسانية والثقافية، داعية لأن يكون الخطاب التقليدي أو الإلكتروني متوائماً وسياسة البلد التي ينتمي إليها، مستنكرة سموّها كمية الشتائم والألفاظ النابية التي يتم تداولها على المواقع الإلكترونية من دردشات تحمل خلفية لا تمتّ إلى الإسلام ولا إلى الإنسانية بأي صلة، بل هي فئتان أو أكثر تتبادل الشتائم باسم الإسلام، وتثير الفتنة الطائفية بين الشباب. والأمر الخطر الذي ينتج عن هذه الدردشات، أن هناك أطرافاً تستغل هذه الفتن في بلدنا وبلاد عربية أخرى.

جاء كلام سموّ الشيخة جواهر، خلال حضورها صباح أمس، ملتقى المرأة العربية والثقافة في عالم متغير، الذي نظمه المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، في نادي سيدات الشارقة، ويختتم أعماله اليوم.

وفي مداخلتها توجهت سموّها بالشكر والتحية إلى ضيفات الملتقى اللاتي قدمن من دول عربية متنوعة للمشاركة، وقالت: «في هذه الأوقات الصعبة لا تطالعنا وسائل الإعلام المرئي أو المسموّع أو الالكتروني إلا بالمشكلات والمصائب والحروب والدماء وصور القتلى والجرحى، في حين أن جيلنا وبالعودة إلى ذكريات طفولتي، لا أذكر إلا صورة قتل الفلسطينيين واستباحة دمائهم، وكان أملنا يومها هو استرداد أرض فلسطين وتحريرها من العدو «الإسرائيلي»، وأن تكون يد الدول العربية واحدة مجتمعة على هذا الهدف. وكنا نأمل في ذلك الوقت بأن يشب أولادنا وجيل اليوم على هذا الهدف واسترداد الحق لأصحابه، فضلاً عن أملنا بأن يرتقي شبابنا بدولهم ويسهموا في تنميتها ونهضتها. ولكن ما نراه اليوم، وللأسف، أن هناك خلافات تحت عناوين طائفية بين دول وعواصم عربية؛ الطائفية التي لم يسمع بها جيلنا مطلقاً، بل لم نكن نعرف الانتماء الطائفي لأي ممّن نعرفهم. وأتكلم عن نفسي وفي بيت والدي الذي كان يستقبل ناساً من مختلف الأديان، ورُبّينا على احترام الجميع. ولكن ما يحصل اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي مشكلة كبيرة؛ مجموعات تعمل على ترسيخ هذه الأفكار والكل ينحاز إلى طائفته والفتن كثيرة، وعلى الجميع أن يتصدوا لها، لأنها تعمل على التفرقة بين الإخوة في المنطقة.

وأضافت سموّ الشيخة جواهر: نحن من هذا المنبر نحيي قيادتنا الرشيدة لوقفتها القوية في وجه كل من يحاول أن يثير الفتن في دولتنا، ونحيّي صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، لوقفته القوية في وجه كل الأمور التي من شأنها أن تثير المشكلات، وإطلاقه «البيت متوحد»، ولحفظه الأمن بكل قوة. كما نحيّي جنودنا على وقفتهم ودفاعهم عن أرضهم ونتمنّى لهم التوفيق في مهامهم والرجوع إلى أهلهم منتصرين، ونريد أن نوعّي شبابنا بأن ما جرى للآخرين كان من الممكن أن يحدث على أرضنا لولا تيقظ قيادتنا الحكيمة.
وانطلقت صباح أمس، برعاية كريمة من سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، فعاليات «ملتقى المرأة العربية والثقافة في عالم متغير»، 9-10 مارس/ آذار، بحضور الشيخة عائشة بنت محمد القاسمي، عضو اللجنة الاستشارية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، والشيخة عائشة بنت خالد القاسمي، رئيسة جمعية الاتحاد النسائية، وعائشة بوسمنوه عضو المجلس الوطني، وخولة عبدالرحمن الملا، رئيسة المجلس الاستشاري بحكومة الشارقة، ونورة أحمد النومان، المديرة العامة لمكتب سموّ الشيخة جواهر، وصالحة غابش، المديرة العامة للمكتب الإعلامي والثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وحشد كبير من القيادات النسائية. واستهل البرنامج بكلمة لصالحة غابش، قالت فيها: في عالمنا اليوم ترسم الثقافة مشاهد لا حصر لها تعكس تطورات الحياة البشرية التي بدت ضرورية منذ بدء الخلق الأول، ذلك أن الإنسان متطلب، وكلما حقق حلماً أو وصل إلى طموح، تتداعى له الأحلام والطموحات وكأنها تولد من جديد، وهو ما يجعل الحياة مستمرة. وللثقافة – بكل مفاهيمها ومؤشراتها ومشاهدها وتطلعاتها – يد طولى في تشكيل أحلام الأفراد والمجتمعات، فالثقافة عالم من المعرفة في كل مجال، وفضاء لا حدود له من الفكر والعواطف والأشكال السلوكية المختلفة، والمستمدة من عادات وتقاليد وعقائد ومعطيات تعكس العصر الذي يعاش فيه، لذلك تعددت تعريفاتها لتشعبات أثرها في حياتنا.

وأضافت: إن الثقافة تنوير وتبصير وإرشاد وتعليم وتأهيل، وكل ما يتعلق بإنماء الفرد والمجتمع على أسس التعامل مع مفردات الحضارة التي يعيشها الآن، ومن ثم استشرافه للمستقبل، ومشاركته في رسم الخطط الكفيلة بتحقيق الإنجاز الذي يجعله حراً.

وفي الشارقة عاصمة الثقافة العربية، تبدو الثقافة ملكة متوجة على عرش الاهتمام بالإنسان، فجاءت مبادرات لا تخلو من إبداع مؤسسها، وأبعاد فكره المستقبلية ليضع الثقافة في إطارها الذي تستحقه، وأعني به صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي نجد في كلماته أبعاداً مضيئة نستدل بها على خطوات أكثر ثباتاً والمجتمع يشاركه مشاريع التنمية.

والمرأة لها دورها في التأثير ولها مكانها من التأثر بمتغيرات العالم الإنساني، لأنها ببساطة فرد من الوجود البشري، ولأنها من صناع التغيير.
وختمت كلمتها بالقول: إننا في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، نولي اهتماماً كبيراً بالثقافة بقيادة سيدة نشأت في أجواء تنبض كل لحظة بالثقافة؛ إنها سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس وراعية هذا الملتقى.
ونيابة عن الدكتورة أمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني، ألقت عائشة بوسمنوه عضو المجلس الوطني كلمة المجلس، متوجهة في بدايتها باسمها وباسم أعضاء المجلس بالشكر الجزيل، على الدعوة الكريمة، ورفعت الشكر إلى صاحب السموّ حاكم الشارقة، لدوره الريادي ومبادراته غير المسبوقة في ترسيخ الثقافة، أساساً لبناء الشخصية الإنسانية الحضارية، ويتجلى ذلك في تأسيس الكثير من المؤسسات والهيئات والمعاهد الثقافية والتربوية والبحثية والعلمية، كدائرة الثقافة والإعلام، وتشييد المدينة الجامعية. فالمشروع الثقافي الذي حرص سموّه على تبنيه وتنفيذه انطلق على الدوام من الثوابت العربية الإسلامية، التي عكسها سموّه بوضوح في المشاريع والخطط العلمية التي يتبنّاها.
وأشادت في هذا المقام بالدور المهم والمؤثر لسموّ الشيخة جواهر، في تمكين المرأة، وتأكيدها الدائم أهمية المساواة بين الجنسين، ودعمها لتحقيق المزيد من النجاحات في نهضة الدولة والحياة العامة.
وألقت الإعلامية المصرية منى الشاذلي كلمة تناولت فيها صورة المرأة الإعلامية واستهلتها بنتائج لاستطلاعات الرأي، وجدت أن هناك نمطين من مشاهدي التلفاز منهم من يفضل الإعلامية ذات الشكل الجاذب، والثاني الإعلامية ذات الأسلوب الفج والعصبية والعنف اللفظي، ووجدت أن الذين يشاهدون البرامج الراقية تصل نسبتهم إلى 10% فقط، أي أن 90% يفضلون البرامج الهابطة والنمطية السائدة. وهو أمر مؤسف.
ونادت الشاذلي بضرورة إعادة النظر في أداء المرأة في الإعلام، حيث إن أكثر برامج الشعوذة والجن تقدمها سيدات، وأن ما يحصل جريمة والمرأة تشارك في ترسيخ ثقافة الجهل هذه. ودعت إلى وجود كيان معنوي للكاتبات والإعلاميات العربيات تحتضنه الشارقة، ليس لمناقشة الأفضل والأجمل، بل الأكثر إيجابية في مجتمعنا، لأن الدور الحقيقي للإعلامية هو التغيير الإيجابي.

التحديات التي تواجه المرأة العربية

وفي الجلسة الأولى شاركت كل من الدكتورة مريم لوتاه والإعلامية فاطمة حسين من الكويت وشيخة المهيري والشاعرة السودانية روضة الحاج، وأدارتها الإعلامية ريم عبيدات، وتطرقت ورقة د. مريم لوتاه إلى التحديات التي تواجه المرأة بعدما استعرضت تعريفا للثقافة ومعناها، أكدت فيها انه لما كان حال المرأة هو نتاج لحال المجتمع والدولة العربية، فكلما قويت الدولة وتماسك المجتمع وتحسن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني، تهيأت ظروف أفضل لمعيشة الإنسان العربي رجلاً كان أم امرأة.

وفي ورقتها رأت فاطمة حسين أنه لا بدّ أن نغلق باب الأنوثة والذكورة أمام الثقافة لأن الاثنين متكاملان، وخاصة أمام المهمة الأزلية لكليهما وهي «التربية» وهذا لا يمحو الذكورة والأنوثة لأنهما من خصوصيات الإنسان نتناصف المهمة بل كل المهمات أمام الوطن لنعترف ولو بصوت منخفض بأن كل ما نجتهد للقيام به قاصر وكذلك الذكور.
وقالت شيخة المهيري انه في بداية التسعينات استبشرت المنظمات الدولية بقدوم وسائل التواصل الاجتماعي محفزا لتمكين المرأة. وتنبأت بأنها ستكون إحدى أهم الأدوات للتوعية والتواصل والمشاركة والقدرة على الإسهام في اتخاذ القرارات المؤثرة بهن.
ومن جهتها أشارت روضة الحاج رئيسة تحرير مجلة «السمراء» السودانية إلى أن جملة من العادات والتقاليد والموروثات اجتمعت وألبست رداء الدين أحيانا صادرت الكثير من الحضور والفاعلية الثقافية للمرأة في المجتمعات العربية وحجمت دورها إلى حد كبير وأصبح هناك خياران إما أن تستسلم لهذه القيود وإما أن ترفضها وتحاول الخروج عليها، ولكل ثمنه الذي تدفعه.
وقالت إن المرأة المثقفة والفاعلة ثقافيا عانت ثقافة تمييز سالبة لا بدّ من ذكرها منها ثقافة العيب والحرام، وقد تم المزج أحيانا بين ما هو عيب وما هو حرام بصورة تكاد تلغي الفواصل بينهما وقد أدت هذه الكوابح غير المنطقية أحياناً إلى دفع المثقفات إلى التطرف والمغالاة في الرفض.
وكانت الجلسة الثانية حلقة نقاشية في الإبداع في صياغة الرأي عبر الأدب والفن والإعلام مع قراءة استشرافية لمستقبل الثقافة بين وجهتي نظر شاركت فيها الدكتورة عائشة النعيمي ومنى أبو سليمان والمخرجة نجوم الغانم والطالبة مريم محمد وأدارت الجلسة منية برناط.