وأضافت سموّها: «لم يكنْ الرجلُ يوماً مُعارضاً لتمكين المرأة كما تحاولُ بعضُ الثقافات تسويق قضيتها من مُنطلقاتٍ فكريةٍ غير سليمةٍ، بل الفقرُ والجهلُ، والخوفُ، واليأسُ من غدٍ مشرق، كُلُها كانت تحديات تواجهُ المرأة والرجل معاً، لذلك لا يمكنُ الحديثُ عن تمكين المرأة بدون الحديث عن تأهيل المجتمعات وثقافتها فيما يتعلّقُ بالمواطنة والحقوق المُتساوية بين الرجل والمرأة، كونها ثوابت يضمنُها الدستورُ وتعززُها الممارسةُ، ولا يمكنُ الحديثُ عن تطور مكانة المرأة بمعزلٍ عن تطور المنظومة التشريعية والقانونية في كل بلد، أو بمعزلٍ عن تطوير نُظُم التعليم وهيكلية المؤسسات وأساليب إدارتها، وكذلك لا يجوزُ الاكتفاءُ بمنجزات المرأة في ساحةٍ ما، بينما تعاني في ساحاتٍ أخرى».
وقالت سموّها: «إنها قضيةٌ إنسانيةٌ حضاريةٌ شاملةٌ بامتياز، لذا نحنُ نرى أن مكانة المرأة في أي بلد، هي مقياسٌ لتطوره الاجتماعي ونهضته الثقافية ومُخرجات مسيرته التنموية، هذه هي رؤيتُنا العميقةُ لكيفية تناول قضايا المرأة مكوناً أصيلاً وشريكاً لا غنى عنه في بناء مجتمعات المعرفة والسعادة، وفي بناء اقتصادٍ مستدام وتنميةٍ عادلةٍ لا تستثني أحداً من ثمارها».
وأردفت «على أساس هذه الرؤية وبرعايةٍ من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي كرّس جُلّ جهوده للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتوفير كلّ ما تحتاجُهُ من عوامل النهضة والنمو والاستدامة، وبمباركةٍ كريمةٍ من سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أمّ الإمارات، وبالاستناد إلى التجربة الغنية والمميّزة للمرأة في دولة الإمارات، قامت «مؤسسةُ نماء للارتقاء بالمرأة»، هذه المؤسسةُ التي أردنا من خلالها تحويل رؤيتنا وطموحاتنا إلى برامج ومشاريع وشراكاتٍ هدفُها الارتقاءُ بواقع المرأة محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتوفيرُ كل المقومات الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية اللازمة لإنجاح مسيرتها، وأن تكون مؤهلةً بالكامل لأداء دورها في خدمة القضايا الوطنية والإنسانية، على أساس الشراكة المتكافئة بينها وبين الرجل».
وأكدت سموّ الشيخة جواهر، أنه وبالرغم من مرور أقل من عام على تأسيس «نماء»، فقد نجحت المؤسسة في توحيد عددٍ من الأُطر النسوية المعنية بتنمية جهود المرأة وتطويرها في قطاعات الأعمال، وجمعت تحت مظلتها مجلسي سيدات أعمال الشارقة، وإرثي للحرف التقليدية المعاصرة، وصُندوق نماء الدولي للمرأة، مشيرة إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تمكنت «نماء» من نقل رؤيتها وبرامجها للعالمية، من خلال الشراكة الاستراتيجية بينها وبين هيئة الأمم المتحدة للمرأة في قيادة البرنامج العالمي «تكافؤ الفرص لسيدات الأعمال»، وهو أحدُ أهم البرامج التابعة لمبادرة «التمكين الاقتصادي للمرأة» التي تقودُها هيئةُ الأمم المتحدة للمرأة.
وأضافت سموّها: «إن وجودنا في هذا البرنامج العالمي وفّر للمرأة مدخلاً واسعاً للتأثير في برنامج السياسات العالمي المصمم لمساعدة صُنّاع القرار على حماية حقوق رائدات الأعمال وتأمين مصالحهن في جميع أنحاء العالم، وأعتقدُ أن أهمية هذه الشراكة تتمثلُ في أنها تجمعُ بين التجربة الإقليمية والعالمية للمرأة، وتوحدُ المواقف والتصورات حيال واقعها رائدة أعمالٍ، لها الحقُ في اتخاذ القرارات الاقتصادية المصيرية، وفي توجيه استثماراتها نحو القطاعات التي تستهدفُ تنمية واقعها الاجتماعي، وكذلك في مدى الأثر الإيجابي الذي ستنقُلُه لتجربة المرأة العربية والإماراتية، وفي ترجمة جوهر قضية المرأة كقضيةٍ عالميةٍ حتى لو كانت لها خصوصياتُها الإقليمية».
وأكدت أن مؤسسة نماء، لم تكن لتبصُر النور وتباشر أداء واجباتها بهذه العزيمة، إلا لأنها استندت إلى التجربة الإماراتية العميقة الجُذُور في تمكين المرأة ورعاية مصالحها والارتقاء بمكانتها الاجتماعية، «الرجلُ أخٌ للمرأة والمرأةُ أُختٌ للرجل، ليس هناك فرقٌ بينهما إلا في العمل؛ العمل الطيب والعمل السيئ هنا يكمُنُ الفرقُ» هذه الكلماتُ لمؤسس دولة الإمارات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، شكلت الأساس النظري للقوانين والتشريعات التي صُممتْ لتضع المرأة في خانة المساواة في الحقوق والواجبات مع الرجل، الفرقُ بين الرجل والمرأة هو العملُ وليس النوع، وهذا هو المعنى العميقُ لمفاهيم المواطنة الدُّستورية وسيادة القوانين والاستقرار الاجتماعي.
وأضافت سموّها: «على هذه الكلمات نشأت أجيالٌ كاملةٌ تؤمنُ بالمساواة في الحقوق والمدنية وبالمواطنة المتكافئة ووحدة النسيج الاجتماعي وتضافره في السعي لبناء دولةٍ حديثةٍ بكل المعايير، وبإلهامٍ من هذه الكلمات التي تختزلُ مضامين ثقافيةً عظيمةً، استكمل قادةُ الإمارات مسيرة تمكين المرأة، فأسست «جمعيةُ نهضة المرأة الظبيانية» في إمارة أبوظبي عام 1973، برئاسة سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك التي يعودُ إلى سموّها الفضلُ الكبيرُ في إرساء أسس العمل النسوي بدولة الإمارات. وفي عام 1975، أسس «الاتحادُ النسائي العام» في الدولة وانتُخبت سموُّ الشيخة فاطمة رئيسة عامة له، تقديراً لتجربتها الرائدة في تأطير العمل النّسوي وبناء منهجٍ علمي مؤسساتي يحتضنُ حقوق وتطلعات المرأة الإماراتية وانضم الاتحادُ في العام نفسه إلى الاتحاد النسوي العربي».
وأكملت سموّ الشيخة جواهر: «هكذا أصبح للمرأة الإماراتية مؤسستها الاتحادية التي ترعى طموحاتها وتساعدُها على تطوير مهاراتها القيادية، لتتولى زمام المبادرة في قيادة مسيرتها وإثراء تجربتها الخاصة، فتوالت الإنجازاتُ النسويةُ مستفيدةً من دعم الاتحاد النسائي العام وأطره الفرعية في كل إمارة، ومن الرعاية المباشرة للقيادة التي أدركت أن تخلّف المرأة عن مسيرة تطور الدولة وعدم تمكينها من مواكبة ما تحققه من منجزاتٍ اقتصادية وثقافية سيشكلُ عائقاً أمام هدف القيادة الاستراتيجي وهو بناءُ مجتمعٍ مستقرٍ ومنسجمٍ في مكوناته».
واختتمت سموّها كلمتها، بالدعوة إلى استحداث وزارةٍ جديدةٍ تُعنى بشؤون المرأة في دولة الإمارات، وقالت سموّها: «أمام هذه المنجزات التاريخية الكبيرة للمرأة الإماراتية، وأمام ما ينتظرُنا وينتظرُ نساء العالم من تحدياتٍ تشترطُ علينا أن نبتكر، ليس في كيفية استكمال مسيرة المرأة فقط، بل وفيما يجب استحداثُه من مؤسساتٍ رسميةٍ للارتقاء بشكل ومستوى تمثيل المرأة، وبما أننا في الإمارات نحيا زمن السبق في كثير من الإنجازات، وفي استحداث الوزارات الجديدة التي تتناسبُ مع تفرّد متطلبات مسيرتنا، فأعتقد أنه حان الوقتُ لنكون السباقين في استحداث وزارةٍ جديدةٍ تُعنى بشؤون المرأة، وأتمنى أن نحتفل معاً قريباً بهذا الحُلُم الذي سيساعدنا على ضمان استمرارية مسيرة تمكين المرأة واستدامتها، والارتقاء بأدوارها واستثمار قدراتها لخدمة مجتمعها ووطنها، بغضّ النظر عن أي ظروفٍ أو متغيّراتٍ قد تواجهها مستقبلاً».
وشاركت في الجلسة التي حضرتها رولا غني، حرم الرئيس الأفغاني الدكتور أشرف غني، وحرم سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، نائب رئيس هيئة الهلال الأحمر للشؤون الإنسانية، سموّ الشيخة شمسة بنت محمد بن حمدان آل نهيان، والشيخة عائشة بنت محمد القاسمي، عضو اللجنة الاستشارية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
وحضرت الجلسة الدكتورة أمل القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، والشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح، وعهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة، المديرة العامة لمكتب رئاسة مجلس الوزراء، ونورة الكعبي، وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وخولة الملا، رئيسة المجلس الاستشاري في الشارقة، ونورة النومان، المديرة العامة للمكتب التنفيذي لسموّ الشيخة جواهر القاسمي، وموضي الشامسي، رئيسة مراكز التنمية الأسرية بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وإرم مظهر علوي، مستشارة أولى في المكتب التنفيذي لسموّ الشيخة جواهر القاسمي، وصالحة غابش، مديرة المكتب الثقافي والإعلامي التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، ونورة السويدي، مديرة الاتحاد النسائي العام.
كما حضرت الجلسة أيضاًً، الدكتورة فومزيلي ملامبو نكوكا، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة، وملالا يوسفزي، الناشطة الباكستانية في تعليم الإناث، إلى جانب نخبة من القيادات النسائية في مختلف المجالات من دولة الإمارات وخارجها.
أكدت موضي الشامسي في كلمتها أن مفهوم التمكين مفهوم واسع وحديث ظهر في تسعينات القرن الماضي، واعتمد على أن يكون أكثر المفاهيم اعترافاً واهتماماً بالمرأة، فمنذ ظهوره الأول اهتم برفع كفاءة المرأة وحصولها على أكثر المقومات التي تجعلها مساندة للرجل وليست نداً له، وأصبح المفهوم الأكثر استخداماً في السياسات والبرامج، فهو من أكثرها اعترافاً بالمرأة عنصراً فاعلاً في التنمية، كما أنه يسعى بشكل أساسي للقضاء على كل مظاهر التمييز بحق المرأة».
وأضافت «كما ظهر خلال العشرين عاماً الماضية، مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي، وضجّ المجتمع الإسلامي حينها ضجيجاً عالياً، جراء هذا المفهوم وتوجهاته، ولكنا في دولة الإمارات استطعنا أن نأخذ هذا التوجه وفق الشريعة الإسلامية ووفق العادات والتقاليد، حيث أصبح تمكين المرأة عندنا يرتكز على هذه الحقائق والمكتسبات».
وأشارت إلى أن دولة الإمارات، وفي سبيل تمكين المرأة، انضمت إلى كثير من المؤسسات الإقليمية التي تهتم بتمكين المرأة، ومنها الاتحاد النسائي الدولي، وكذلك منظمة الأسرة. كما أشارت إلى أبرز التشريعات الداعمة للمرأة على المستوى الاتحادي.
أما على صعيد إمارة الشارقة، فسلطت الشامسي الضوء على التعديل الذي وجه به صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في قانون الموارد البشرية لحكومة الشارقة الذي طالب بزيادة إجازة الأمومة وساعات الرضاعة، حيث حظيت النساء العاملات بموجب هذا التعديل بـ120 يوماً إجازة أمومة، لتبقى إلى جانب طفلها حتى يحظى برعاية متكاملة.
وعن استراتيجيات تمكين المرأة، أشارت الشامسي إلى الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات 2015-2021 التي حظيت بمباركة من سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، والساعية إلى توفير إطار عام ومرجعي وإرشادي لكل المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني، لوضع خطط وبرامج مخصصة للمرأة الإماراتية، وتشكيل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين الرامي إلى تقليص الفجوة بين الجنسين.
وقالت الشامسي: «أطلقت أول استراتيجية وطنية للأسرة في إمارة الشارقة عام 2014، وهي الأولى على مستوى الدولة، لترجمة رؤية المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، حيث اهتمت بقضايا المرأة في جميع محاورها، كما أنشئت أول محكمة للأسرة في الشارقة ومكتب فض النزاعات، ومكتب خاص للمرأة».